أحكام

هي الأحكام الصادرة في قضايا الذمّ والقدح والتحقير وغيرها والتي أتت في نهاية المطاف لصالح الحريّات. وهي أحكام عزّزت هذا المفهوم وحرصت على صونه وتكريسه من خلال مقاربة القضاء له بطريقة أكثر إنفتاحاً وبشكل يحترم ويحفظ حقوق الإنسان ويكون متماشيا مع الدستور والمعاهدات والمواثيق الدولية.

أدناه مختصر لأبرز الأحكام التي إنتصرت فيها الحريّات على محاولات الحدّ منها. وفي المختصر وقائع للدعاوى وأهمّ المرتكزات القانونية التي إستند اليها القضاء.

حكم لصالح حرية التعبير

 

الأطراف في هذه القضية

الطرف الاول: جمعية سكّر الدكانة

الطرف الثاني: الدولة اللبنانية -رئاسة مجلس الوزراء-مجلس الجنوب

 

في الوقائع:

نشرت جمعية سكّر الدكانة على موقعها الالكتروني تقريرًا حول شبهات فساد وهدر للمال العام في مشروع مياه عين الزرقا الذي نفذّه مجلس الجنوب. وإعتبرت سكّر الدكانة أن قرارها بمثابة إخبار.

رفع مجلس الجنوب دعوى أمام قاضي الأمور المستعجلة على سكّر الدكانة طالبا سحب التقرير عن مواقع التواصل الاجتماعي ومنع  إعادة بثه أو نشره أو عرضه على أي من هذه المواقع تحت طائلة الغرامة الاكراهية. وذلك لحفظ حقوق مجلس الجنوب ومنع الضرر عنه الناتج عن معلومات مغلوطة تشوه سمعته وانجازاته حماية لمصالح الدولة اللبنانية.

أصدر القاضي قرارًا بسحب التقرير.

إعترضت جمعية سكّر الدكانة على قرار سحب التقرير معتبرة أنها جمعية غير حكومية هدفها نشر الوعي حول أخطار الفساد من أجل تعزيز علاقة الثقة بين المواطن والدولة وهي كشفت المعلومات والمستندات التي حصلت عليها بموضوع مشروع مياه عين الزرقا. وبالتالي إعتبرت سكّر الدكانة أنّها تمارس حقوقها من حرية إعلامية و حرية تعبير وتمارس واجبها كجمعية في مكافحة الفساد.

 

قرار القاضي:

تمّ قبول اعتراض الطرف الأول أي سكّر الدكانة شكلا وفي الأساس وتمّ الرجوع عن القرار الذي اعترضت عليه سكّر الدكانة والقاضي بسحب التقرير عن مواقع التواصل الالكتروني لصالح الطرف الثاني أي مجلس الجنوب. وردّ كل ما زاد أو خالف وردّ طلب العطل والضرر وتضمين الطرف الثاني أي مجلس الجنوب الرسوم والنفقات.

 

وكانت إستندت القاضية هالة نجم في حكمها على التالي:

  • جمعية سكّر الدكانة جمعية غير حكومية هدفها نشر الوعي حول أخطار الفساد وكلفته
  • حرية التعبير مصانة في المادة 13 من الدستور اللبناني
  • حرية التعبير وطلب جميع أنواع المعلومات ونقلها وإذاعتها مصانة في المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
  • أن هامش الحرية يكون أوسع متى تعلقت المواضيع بالشأن العام ومتى كانت تؤثر بصورة مباشرة أو غير مباشرة على حقوق المواطنين والأفراد.
  • المادة 13 من إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد… التي تهدف الى تشجيع الافراد والجماعات التي لا تنتمي الى القطاع العام على المشاركة النشطة في منع الفساد ومحاربته…وتدعيم هذه المشاركة بتدابير مثل إحترام وتعزيز وحماية حرية التماس المعلومات المتعلقة بالفساد وتلقيها ونشرها وتعميمها.
  • الطرف الثاني المتمثل بمجلس الجنوب أو بالدولة اللبنانية لم يدعم طلبه بمنع النشر أو سحب التقرير ولم يتمكن من إثبات أن النشر هدفه الاساءة فقط.
  • حلّ المسألة المطروحة يستوجب البحث في مدى توفر شروط تدخل قاضي الأمور المستعجلة لإلزام الطرف الاول من حذف التقرير موضوع الشكوى.

 

حكم لصالح حرية التعبير

 

الأطراف في هذه القضية

المستدعي أو الطرف الأول: غسان قبيسي مراقب في إدارة الجمارك

المستدعى عليه أو الطرف الثاني: إعلامي لبناني نشر خبرا على فيسبوك ينطوي على شبهة فساد متعلقة بالطرف الأول

 

في الوقائع:

قام الطرف الثاني أي الإعلامي اللبناني بنشر تصريح على صفحته على فيسبوك يتضمّن إشارة الى أن المستدعي أي الطرف الأول وهو غسان قبيسي مراقب في إدارة الجمارك مرتبط إسمه في مسألة تهريب أجهزة خليويّة في المطار.

قام المراقب غسان قبيسي بتقديم إستدعاء أمام قاضي الأمور المستعجلة في بيروت طلب فيه إلزام المستدعى بوجهه أي الإعلام اللبناني بإزالة التصحريحات كافّة المتعلّقة به والتي أدلى بها على صفحته على الفيسبوك تحت طائلة غرامة إكراهية.

 

قرار القاضي:

قرّر القاضي رد طلب المستدعي القاضي بالزام الطرف الثاني إزالة التصريحات كافة المتعلقّة به والتي تنطوي على شبهة فساد والتي كان نشر معطياتها الطرف الثاني على صفحته على فيسبوك ، كما إبقاء النفقات على المستدعي.

 

وكان إستند القاضي جاد معلوف في حكمه على أنّ:

  • حرية التعبير مصانة في المادة 13 من الدستور اللبناني.
  • حرية التعبير وطلب جميع أنواع المعلومات ونقلها وإذاعتها مصانة في المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
  • المادة 13 من إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد… التي تهدف الى تشجيع الافراد والجماعات لا ينتمون الى القطاع العام على المشاركة النشطة في منع الفساد ومحاربته…وتدعيم هذه المشاركة بتدابير مثل إحترام وتعزيز وحماية حرية التماس المعلومات المتعلقة بالفساد وتلقيها ونشرها وتعميمها.
  • دور الاعلام والصحافة في كشف الفساد وتزويد المواطنين المعطيات اللازمة لممارسة رقابته على السلطات وعلى ممثليه.
  • الدراسات التي أظهرت الإرتباط الوثيق بين تراجع الفساد كلما ازدادت حرية التعبير في المجتمعات والأنظمة الديمقراطية.
  • تبدية حقوق حرية التعبير وحق الوصول الى المعلومة ونشرها خصوصا إذا كان الهدف منها خدمة الصالح العام. كما بالاضافة الى إثبات أن تداول المعلومة لم يكن بهدف الاساءة أو الذمّ بل بهدف عرض وقائع ومعلومات.
  • مبدأ من يتعاطى الشأن العام يتخلى حكما عن جزء من الحماية المتوفرة للأشخاص العاديين ويخضع لمراقبة الرأي العام وبالتالي عليه أن يظهر نسبة أعلى من التسامح والتقبّل.
  • حماية حرية الصحافة والاعلام مكرسة في مختلف المعاهدات والدساتير والقوانين لا سيما في مسألة فضح الفساد.

 

حكم لصالح حرية التعبير

 

الأطراف في هذه القضية

الطرف الاول: المستدعي النائب سامي الجميل

الطرف الثاني: المستدعى بوجهها شركة أخبار بيروت ش.م.ل

 

في الوقائع:

قام الطرف الثاني أي شركة أخبار بيروت بنشر عشر مقالات على صفحتها الإلكترونية تناولت فيها أخبارًا عن الطرف الأول أي النائب سامي الجميل الذي إعتبرها أخبارّا كاذبة، فيها قدح وذمّ وتنال من كرامته وكرامة الحزب الذي ينتمي اليه وكرامة عائلة بما لها من رمزيّة وتاريخ عريق.

فقدّم الطرف الأول أي النائب سامي الجميل شكاوى عديدة أمام محكمة المطبوعات وأمام قاضي التحقيق لم يكن لها أي أثر على المستدعى بوجهها.

ثمّ قدّم النائب سامي الجميل إستدعاء أمام قاضي الأمور المستعجلة في بيروت طلب فيه إلزام الجهة المستدعى بوجهها بإزالة المقالات العشر المعدّدة في الإستدعاء عن موقعها الإلكتروني ومنع شركة أخبار بيروت (الصحيفة) من أن تتناوله أو تبث أو تنشر أي خبر مهما كان نوعه ولأي سبب كان متعلّقا به أو بعائلته وحتى عبر الإيحاء اليه بطريقة كافية للدلالة دون تسميته وذلك لغاية صدور قرار عن محكمة المطبوعات.

 

قرار القاضي:

ردّ القاضي طلب إلزام شركة أخبار بيروت إزالة المقالات المتعلقة بالمستدعي النائب سامي الجميل كما ردّ طلب منع المستدعى بوجهها أي شركة أخبار بيروت من تناول المستدعى أي النائب سامي الجميل أو عائلته مستقبلا وأيضا ردّ طلب إبطال الإستدعاء. وألزم القاضي شركة أخبار بيروت تعديل عنوان المقال “إهمال سامي يحوّل بيوت الكتائب الى “كاباريهات” الموجود على صفحتها على الانترنت عبر حذف العبارة الأخيرة واستبدالها بعبارة أخرى تحت طائلة غرامة إكراهية قدرها 500 الف ليرة عن كل يوم تأخير.

 

وكان إستند القاضي جاد معلوف في حكمه على أنّ:

  • حرية التعبير مصانة في المادة 13 من الدستور اللبناني.
  • حرية التعبير وطلب جميع أنواع المعلومات ونقلها وإذاعتها مصانة في المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
  • الاستدعاء (عدم تناول الطرف الثاني للطرف الاول بأي خبر) يشكّل رقابة مسبقة على وسائل الاعلام والتي تشكّل خرقا فادحا للحريّات وخصوصا حريّة التعبير.
  • الاستئناس بالأنظمة القانونية الانغلوساكسونية والاوروبية يبرز خطورة الرقابة المسبقة ودورها في شلّ دور الإعلام الذي يشكّل ركيزة المجتمع الديمقراطي.
  • ضرورة التركيز على الموازنة بين الأضرار الناشئة عن الحدّ من حرية التعبير وعن الرقابة المسبقة وبين ما يمكن أن يسبّبه إنتقاد لاذع لشخص يتعاطى الشأن العام.
  • على مبدأ من يتعاطى الشأن العام يتخلى حكما عن جزء من الحماية المتوفرة للأشخاص العاديين ويخضع لمراقبة الرأي العام وبالتالي عليه أن يظهر نسبة أعلى من التسامح والتقبّل.
  • على أن قانون العقوبات وقانون المطبوعات يوفرّان من خلال نصوصهما القانونية ما يكفي لمنع أي تجاوزات أو خرق للقوانين.

 

حكم لصالح حرية إنشاء الجمعيات

 

الأطراف في هذه القضية

الطرف الاول: وزارة الداخلية

الطرف الثاني: جمعية عدل

 

في الوقائع:

قامت جمعية عدل بإيداع أوراق تأسيسها أي بيان الإعلام ومرفقاته بواسطة مباشر تابع لوزارة العدل وبتكليف من الكاتب العدل وذلك بسبب رفض وزارة الداخلية إستلامها.

أصدرت وزارة الداخلية بلاغا طلبت فيه من كافّة الجمعيات إعلامها قبل شهر على الأقلّ عن موعد أية إنتخابات تجريها لتتمكن من التحقّق والتدقيق في كل تفاصيل العملية الانتخابية وأوضاع الجمعية وأعضائها كما إعلام وزارة الداخلية بكل ّ تعديل يطرأ على الجمعيات تحت طائلة عدم الاعتراف بالتعديل وتحت طائلة سحب العلم والخبر في حال عدم تقيّد الجمعيات بهذا البلاغ.

قامت جمعية عدل بتقديم طعن بهذا القرار أمام مجلس شورى الدولة على إعتبار أن هذا القرار مخالف للقانون.

إعتبر مجلس شورى الدولة أن بلاغ وزارة الداخلية المطعون فيه يستند في موضوع سحب العلم والخبر الى أسباب غير واردة في قانون الجمعيات. وأن الاشراف على إنتخابات الجمعيات ونتائجها يتعارض مع الحقوق الفردية والحريات العامة التي كفلها الدستور.

 

قرار مجلس شورى الدولة

إبطال قرار أو بلاغ وزارة الداخلية لما فيه مخالفة للقانون وتجاوز لحدّ السلطة ولانتغاء السند القانوني الصحيح الذي يجيزه.

 

وكان إستند مجلس شورى الدولة في حكمه على:

  • البلاغ مخالف للقانون لانتفاء السند القانوني الصحيح الذي يجيزه.
  • حرية الإجتماع وتأليف الجمعيات هي من الحريات الأساسية التي كفلها الدستور في المادة 13، فلا يجوز وضع قيود عليها أو حلّها الا بنصّ قانوني.
  • الجمعيات تنشأ بإرادة مؤسسيها ولا تحتاج الى ترخيص مسبق.
  • تتمتع الجمعيات بأهلية التقاضي بمجرّد تسليم بيان تأسيسها كما تنصّ المادّة 6 من قانون الجمعيات.
  • أنّ أسباب حلّ الجمعيات مرتبطة بالأساس بإنحرافها عن الغايات التي أجيزت من أجلها أو في حال كانت جمعيات سريّة.