إعلان حالة الطوارئ الجزئية في بيروت بعد إنفجار المرفأ
ماذا يقول القانون اللبناني؟
بناء على المرسوم رقم 52 الصادر في العام 1967 تعلن في لبنان حالة الطوارئ أو ما يعرف بالمنطقة العسكرية في جميع الأراضي أو في جزء منها عند تعرض البلاد لخطر داهم ناتج عن حرب خارجية أو ثورة مسلحة أو أعمال او اضطرابات تهدد النظام العام والامن او عند وقوع احداث تأخذ طابع الكارثة. وتعلن هذه الحالة الاستثنائية بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء على ان يجتمع مجلس النواب للنظر بهذا التدبير في مهلة ثمانية ايام وان لم يكن في دور الانعقاد.
كيف أقرّت السلطة اللبنانية حالة الطوارئ ؟
في 5 آب 2020 أعلنت حكومة تصريف الأعمال برئاسة رئيس الحكومة المستقيل حسّان دياب حالة طوارئ بعد إنفجار 4 آب من العام 2020 . وكانت أصدرت الحكومة المرسوم الاشتراعي رقم 6792 في 7/4/2020 لإعلان حالة طوارئ جزئية في مدينة بيروت لمدة أسبوعين من 4/8/2020 لغاية 18/8/2020 قابلة للتمديد .
في 7/8/2020 صدر المرسوم 6792 لإعلان حالة الطوارئ الممتدة من 4/8/2020 لغاية 18/8/2020 ثمّ لاحقا إنعقد المجلس النيابي في 13 آب للتصديق على المرسوم.
في 17/8/2020 آب تمّ تمديد حالة الطوارئ بمرسوم رقم 6881 لفترة ممتدة بين 18/8/2020 لغاية 18/9/2020 من دون إنعقاد مجلس الوزراء وموافقة ثلثي أعضائه على المرسوم بحجّة أن الحكومة مستقيلة وتتولّى فقط تصريف الأعمال. وكان أعلن عن هذا المرسوم أمين عام مجلس الوزراء القاضي محمود مكية من خلال مذكّرة إدارية بعد الحصول على توقيع إستثنائي من رئيسي الجمهورية والحكومة.
في 14/9/2020 أصدر من جديد أمين عام مجلس الوزراء القاضي محمود مكيّة مذكّرة إدارية ثانية لتمديد حالة الطوارئ لنهاية عام 2020 أي لغاية 31/12/2020 بعد الحصول على توقيع إستثنائي من رئيسي الجمهورية والحكومة ولكن اللافت في الأمر أن التمديد لم يتمّ هذه المرّة يتمّ بموجب مرسوم.
ملاحظات في الشكل:
– أعلن مجلس الوزراء حالة الطوارئ في 5/8/2020 وعاد ليصدر مرسوما بذلك في 7/8/2020 وبغياب المرسوم يمكن طرح علامة استفهام على قانونية الاجراءات التي اتخذت بين الخامس والسابع من شهر آب 2020.
-في أول تمديد لحالة الطوارئ من 18/8/2020 لغاية 18/9/2020 تمّ إصدار مرسوم من دون إجتماع مجلس الوزراء وموافقة ثلثي أعضاء مجلس الوزراء عليه بحجة أن الحكومة مستقيلة، علما أن حكومة تصريف الأعمال يمكن أن تجتمع في الظروف الاستثنائية لاتخاذ إجراءات لازمة مثل تمديد حالة الطوارئ. وتمّ الإعلان عن التمديد من خلال مذكرة إدارية أصدرها أمين عام مجلس الوزراء القاضي محمود مكيّة. ويعتبر مثل هذا التدبير مخالف للمرسوم الاشتراعي 52 ولمبادئ الدستور.
أما التمديد الثاني لحالة الطوارئ من 18/9/2020 ولغاية 31/12/2020 فقام بإعلانه أمين عام مجلس الوزراء القاضي محمود مكيّه من دون صدور أي مرسوم بذلك ومن خلال مذكرة إدارية وبناء على الموافقة الاستثنائية لرئيسي الجمهورية والحكومة والتي تضمّنت توسيع صلاحيات الجيش اللبناني.
وبما أن التمديد يعتبر بمثابة إعلان جديد لحالة الطوارئ فهو بالتالي يحتاج الى مرسوم من مجلس الوزراء يوافق عليه ثلثي الأعضاء ليعاد ويصدّق عليه مجلس النواب. كما أن أمين عام مجلس الوزراء لا يتمتع بصلاحيات إعلان حالة الطوارئ أو تمديدها.
وهذا العمل أو التدبير الذي اتخذه القاضي مكيه يعرف عنه حسب القانون الاداري أنّه عمل غير موجود قانونيا أي acte inexistant
ملاحظات في المضمون:
أثار قرار الحكومة بإعلان حالة طوارئ جزئية في مدينة بيروت مخاوف اللبنانيين ولا سيما الجهات والمنظمات والمؤسسات التي تعنى بقضايا الحريات وحقوق الإنسان خصوصا في ظلّ التوازن الهزيل بين الحريات والأمن في لبنان.
وكانت علت أصوات الحقوقيين ومنظمات حقوق الإنسان والمدافعين عن الحريات في لبنان تنتقد قرار الحكومة في فرض حالة الطوارئ بسبب:
-التخوف من تفريغ هكذا قرار من بعده الإنساني وإكتسابه منحى (منحه توجه) سلطوي قمعي لأنّه أتى في ظرف تطبق فيه أصلاّ التعبئة العامة بسبب جائحة كورونا.
-الشكوك حول آليات تطبيق حالة الطوارئ الذي غاب عن ذكر تفاصيلها الدستور اللبناني في المادة 65 منه.
-فتح الباب أمام عسكرة الدولة في زمن تنتفض فيه التحركات الشعبية في مختلف المناطق اللبنانية ضد الفساد والقمع المستشريين في النظام اللبناني.
-الخوف من التذرّع بفرض هذه الحالة لترويض الحراك الشعبي وقمع المظاهرات والاحتجاجات القائمة بوجه السلطة الحالية. وهذا ما برهنته أحداث تظاهرة 8 آب التي حصلت بسبب الغصب الشعبي العارم من تفجير المرفأ في 4 آب 2020. وكانت السلطات الأمنية استخدمت القوة المفرطة والفتاكة خلال هذه التظاهرة وانتهت بوقوع العديد من الجرحى وإصابة العديد من المتظاهريين السلميين بتشوهات جسدية دائمة.
-إمكانية اللجوء الى محاكمة المدنيين في المحاكم العسكرية.
-تفتح الباب أمام توسيع صلاحيات الجيش في منع التجمعات، فرض موافقة مسبقة على النشر بشتى أنواع المواضيع، منع التجوّل، فرض رقابة على المطبوعات والصحف والنشرات والاذاعات والتلفزيون والأفلام السينمائية والمسرحيات، تحرّي المنازل في الليل وفي النهار وفرض الاقامة الجبرية.
-إمكانية تهميش دور الصحافيين المستقلين أي الـ Freelancers إذا لم تتوفر معهم البطاقات أو التصاريح الدائمة التي تمنح من السلطات المعنية أو إذا لم يكونوا من الصحافيين المعتمدين في المقرات الرسمية للدولة.