التعبئة العامة للحدّ من كورونا أو من الحريّات؟
ماذا يقول القانون اللبناني؟
- قانون الأمراض المعدية الصادر في 1957/12/31
المادة 9
“اذا هدد وباء بلاد الجمهورية كلها او بعضها او اخذ ينتشر فيها وكانت وسائل الوقاية المحلية غير كافية فعلى وزارة الصحة أن تستصدر مرسوما بتعيين فيه التدابير التي من شأنها أن تحول دون انتشار هذا الوباء. ويحدد هذا المرسوم صلاحية كل سلطة او إدارة من السلطات والادارات التي يعهد اليها تنفيذ تلك التدابير كما يبين كيفية تأليفها واختصاصها ويمنحها الى أجل معين السلطة اللازمة للتنفيذ .أما نفقات التنفيذ فتدفعها الحكومة سواء كانت للاشخاص او للمعدات واللوازم وتتحمل البلديات الكبرى ربع هذه النفقات.”
المادة 10
“عندما يتخذ المرض الانتقالي شكلا وبائيا في قرية او مدينة او منطقة لوزارة الصحة الحق بان تقيم نطاقا صحيا على المكان الموبوء وتمنع الدخول اليه او الخروج منه والتجمعات فيه.”
- المرسوم الاشتراعي رقم 102 تاريخ 16/09/1983 – قانون الدفاع الوطني
تنص المادة 2 على إعلان حالة التعبئة العامة:
1- اذا تعرض الوطن او جزء من اراضيه او قطاع من قطاعاته العامة او مجموعة من السكان للخطر يمكن اعلان:
أ – حالة التأهب الكلي او الجزئي للحد من تعرض السكان والمنشآت الحيوية للخطر, ولتأمين عمليات التعبئة واستخدام القوى المسلحة.
ب – حالة التعبئة العامة او الجزئية لتنفيذ جميع او بعض الخطط المقررة.
2- تعلن التدابير المذكورة بمراسيم تتخذ في مجلس الوزراء بناء على انهاء المجلس الاعلى للدفاع.
3- يمكن ان تتضمن هذه المراسيم احكاما خاصة تهدف الى:
أ – فرض الرقابة على مصادر الطاقة وتنظيم توزيعها.
ب – فرض الرقابة على المواد الاولية والانتاج الصناعي والمواد التموينية وتنظيم استيرادها وخزنها وتصديرها وتوزيعها.
ج – تنظيم ومراقبة النقل والانتقال والمواصلات والاتصالات .
د – مصادرة الاشخاص والاموال وفرض الخدمات على الاشخاص المعنويين والحقيقيين وفي هذه الحالة تراعى الاحكام الدستورية والقانونية المتعلقة بأعلان حالة الطوارىء.
كيف أقرّت السلطة اللبنانية حالة التعبئة العامة ؟
في 15/3/2020 عقد مجلس الوزراء جلسة استثنائية قرّر خلالها إعلان حالة التعبئة العامة بموجب المرسوم 6198 من 15/3/2020 ولغاية 29/3/2020 وذلك بناء على المادة الثانية من المرسوم الاشتراعي 102 تاريخ 16/09/1983 – قانون الدفاع الوطني ، مما يعني حظر خروج المواطنين الا للضرورات القصوى وذلك بهدف الحدّ من إنتشار فيروس كورونا.
في 26/3/2020 قرر مجلس الوزراء تمديد فترة التعبئة العامة لغاية 12/4/2020 بموجب المرسوم 6209/2020 وإتخاذ إجراءات إضافية للحدّ من حركة التنقل والانتقال وذلك من خلال الاقفال التام من الساعة السابعة مساء حتى الخامسة صباحا مع بعض الاستثناءات الضرورية.
ثمّ أقرّ مجلس الوزراء تمديد حالة التعبئة العامة من 12/4/2020 لغاية 26/4/2020 بموجب المرسوم 6251/2020 وذلك ضمن إجراءات الحد من انتشار فيروس كورونا.
في 24/4/2020 أقرّ مجلس الوزراء مشروع مرسوم رقم 6296/2020 لتمديد التعبئة العامة بسبب كورونا وذلك لمدة أسبوعين اعتبارا من 27/4/2020 لغاية 10/5/2020 . ويلي هذا القرار خطة لإعادة فتح القطاعات تدريجيا على مراحل متتالية.
في 5/5/2020 أصدر مجلس الوزراء قرارًا يقضي بإعادة تمديد فترة التعبئة العامة من تاريخ 11/5/2020 ولغاية 24/5/2020 بموجب المرسوم رقم 6329 /2020.
في 28/5/2020 أقرّت الحكومة تمديد حالة التعبئة العامة بموجب المرسوم رقم 6403/2020 وذلك اعتباراً من تاريخ 25/5/2020 ولغاية 7/6/2020 وذلك ضمن اجراءات الحد من انتشار فيروس كورونا.
وفي 4/6/2020 أقرّت الحكومة بناء على اقتراح المجلس الأعلى للدفاع تمديد حالة التعبئة العامة بمرسوم رقم 6443/2020 اعتبارا من 8/6/2020 ولغاية 5/7/2020 لاحتواء تفشي فيروس كورونا.
في 17/7/2020 أصدرت الحكومة قرارا بإعادة تمديد فترة التعبئة العامة بموجب المرسوم
رقم 6665 /2020 اعتباراً من تاريخ 6/7/2020 ولغاية 2/8/2020 مع الإبقاء على الأنشطة الاقتصادية التي يسمح لها بإعادة العمل تدريجياً ضمن نطاقها ووفقاً للمراحل الزمنية المشار إليها في المادة 2 من المرسوم رقم 6296/2020.
في 28/7/2020 طلب المجلس الأعلى للدفاع من مجلس الوزراء تمديد حالة التعبئة العامة عملا بالمرسوم رقم 6665 /2020 اعتباراً من تاريخ 3/8/2020 ولغاية 30/8/2020 كما قرر الابقاء على الأنشطة الاقتصادية التي سمح لها بإعادة العمل أو إقفالها مؤقتاً ضمن شروط معيّنة.
بعد إنفجار مرفأ بيروت في 4/8/2020 أعلنت الحكومة بتاريخ 2020/8/7 وبموجب المرسوم 2020/6792 حالة طوارئ جزئية في مدينة بيروت لمدة أسبوعين إعتبارا من 2020/8/5 ولغاية 2020/8/18 إضافة الى حالة التعبئة العامة المفروضة على كل الأراضي اللبنانية لمواجهة وباء كورونا.
بتاريخ 18/8/2020، أقّرت الحكومة بالمرسوم رقم 6881/2020، تمديد العمل بالمرسوم رقم 6792 تاريخ 7/8/2020 المتعلق بإعلان حالة الطوارئ في مدينة بيروت، حتى تاريخ 18/9/2020.
في 26/8/2020 طلب مجلس الدفاع الأعلى من مجلس الوزراء تمديد حالة التعبئة العامة اعتباراً من تاريخ 31/8/2020 ولغاية 31/12/2020.
في 3/9/2020، أقرت الحكومة مرسوم 2020/6929 الذي قضى بتمديد حالة التعبئة العامة التي أعلن تمديدها بالمرسوم 6684 تاريخ 28/7/2020 ، من 31/8/2020 ولغاية 3/12/2020
في 10/11/2020 طلب مجلس الدفاع الأعلى من مجلس الوزراء الإغلاق الكامل اعتباراً من الساعة (5:00) من صباح يوم السبت الموافق فيه 14/11/2020 ولغاية الساعة (5:00) من صباح يوم الاثنين الموافق فيه 30/11/2020 مع مراعاة الاستثناءات التي تم تحديدها في قرار مجلس الوزراء رقم /1/ تاريخ 15/3/2020 المتعلق باعلان التعبئة العامة لمواجهة انتشار فيروس كورونا.
في 3/12/2020 طلب مجلس الدفاع الأعلى من مجلس الوزراء تمديد فترة التعبئة العامة لمدة 3 اشهر من 1/1/2021 حتى 31/3/2021، كما طلب المجلس الى الاجهزة العسكرية والامنية ان تكون على اتم الاستعداد لمواكبة فترة اعياد نهاية العام واتخاذ الاجراءات اللازمة للمحافظة على الاستقرار الامني.
في 11/1/2021 طلب مجلس الدفاع الأعلى من مجلس الوزراء منع الخروج والولوج الى الشوارع والطرقات اعتباراً من 14/1/2021 ولغاية 25/1/2021 على ان يُستثنى من ذلك الجهات والاشخاص والمؤسسات الواردة في متن القرار.
في 21/1/2021 طلب مجلس الدفاع الأعلى من مجلس الوزراء تمديد العمل بقرار الاغلاق العام حتى 8/2/2021 لمواجهة فيروس كورونا وطلب الى الأجهزة العسكرية والأمنية التشدد في تطبيق القرارات المرتبطة بهذا الشأن.
في 26/3/2021 طلب مجلس الدفاع الأعلى من مجلس الوزراء إعادة تمديد حالة التعبئة العامة لمدة ستة اشهر اعتباراً من تاريخ 1/4/2021 ولغاية 30/9/2021 ضمناً، مؤكدا على تفعيل وتنفيذ التدابير والإجراءات المفروضة وذلك خلال فترة تمديد التعبئة العامة.
ما هي الملاحظات على تطبيق حالة التعبئة العامة؟
ملاحظات في المضمون
من خلال إعلان حالة التعبئة العامة وفي موضوع الحريات تحديدًا:
-فرضت السلطة قيودًا على حريّة التنقّل بطريقة اعتباطية غير مدروسة وغير مؤكدة جدواها دون مراعاة لحقوق الفرد في هذا الشأن. وتباينت أنواع القيود على حريّة التنقل بين فرض الخروج حسب التوقيت المسموح حينا (من الساعة الخامسة صباحا الى السابعة مساء) والخروج حسب جدول أرقام السيارات حينًا آخر (إثنين – أربعاء – جمعة الأرقام المفردة / ثلاثاء – خميس – سبت الأرقان المجوزة) أو الخروج حسب أذونات المنصّة الإفتراضية التي استحدثتها وزارة الصحة.
-قامت السلطة بتكسير خيم الثوار بحجّة أنّها كانت تحوي تجمعات الا أنّه لم يتواجد فيها الا قلّة قليلة من الثوار الذين التزموا البقاء داخل الخيم خلال فترة الحجر. فاستخدمت السلطة هنا حالة التعبئة لفرض منهجية قمعية تجاه الثوار والناشطين.
-السلطة التي فرضت حظر التجول والالتزام بالحجر المنزلي استدعت الثوار والناشطين المعارضين للسلطة للتحقيق معهم ضاربة عرض الحائط قراراتها ومعرضّة في الوقت نفسه هؤلاء الى خطر العدوى وبالتالي الى انتشار الوباء.
-أصرّت السلطة على التمديد المتواصل لحالة التعبئة العامة دون تحقيق الأهداف المرجوّة بغياب إجراءات قانونية فعالة للحد من فيروس كورونا وبالتالي ركّزت على القيود على حريّة التنقل وحريّة الرأي والتعبير افتقدت للرؤيا العلمية واللوجستية في مقاربة الحدّ من الوباء.
-التمديد المتواصل لحالة التعبئة العامة مع كل القرارات والمراسيم ذات الصلة والإجراءات المنصوص عليها والمرافقة لتطبيق التعبئة أثار القلق من إمكانية إعطاء الشرعية لنظام رقابي جديد يبتعد عن الأهداف المرجوة من التعبئة العامة.
-وإذا كانت الإجراءات التي إتخذتها السلطة لفرض قيود على الحريات بهدف الحدّ من كورونا لم تأتِ بالنتائج المرجوّة فهنا يطرح السؤال حول شرعية وقانونية الإجراءات لإنعدام التوازن بين العواقب السلبية للحدّ من الحريات والقدرة على السيطرة على انتشار الوباء.