الصحة تطلب من الأطباء التبليغ عن مصابي التحركات الاحتجاجية

في هذه الحالة بالتحديد التعميم رقم 119 هو من نوع الأوامر الإدارية الموجّهة الى موظفين في القطاع الصحّي لإعلامهم بضرورة تنفيذها بناء على ما تنصّ عليه القوانين المرعية الإجراء. 

وفي 11/8/2020 أصدر وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال الدكتور حمد حسن التعميم رقم 119 مستندًا الى المادة 400 من قانون العقوبات اللبناني لدفع الأطباء اللبنانيين في المستشفيات الخاصة والحكومية الى التبليغ عن كل جريح أو مصاب لبناني أو أجنبي يدخل المستشفى ويقوم الأطباء بمعالجته إذا كانت إصابته ناتجة عن حوادث أثناء أعمال شغب أو حوادث ناتجة عن أفعال الغير. 

كما استند الوزير في هذا التعميم على كتاب المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي رقم 557/104 الصادر في 12/6/2020 التي تفرض على المستشفيات والعاملين في القطاع الصحي التبليغ عن الإصابات الحربية أو الجسدية الناتجة عن حوادث متأتية عن أفعال الغير.

 

ما هي الملاحظات على التعميم رقم 119؟ 

أثار هذا التعميم موجة من الإنتقادات لا سيما فيما يتعلّق بموضوع الحقّ بالتظاهر أو التجمّع والحقّ بحرية الرأي والتعبير. 

-صدر هذا التعميم بعد مرور ثلاثة أيّام على المظاهرة الشعبية الكبيرة التي تلت تفجير مرفأ بيروت الذي دمّر قسما كبيرًا من المدينة وقتل أكثر من مئتي شخص. 

-صدر هذا التعميم بعد تظاهرة 8 آب حيث تعاملت القوى الأمنية بأشرس وأعنف الطرق مع المتظاهرين الغاضبين من إستهتار وجرائم السلطة الممتالية والتي كان نتائجها الأفظع تدمير جزء من مدينة بيروت وقتل الأبرياء فيها. 

-هذا التعميم يستند قانونيا على المادة 400 من قانون العقوبات ولكن في طيّاته أو باطنه ما يشير الى أن المظاهرت المعارضة للسلطة هي حكما أعمال شغب وبالتالي يجب التبليغ عن المتضررين جسديّا خلالها أو منها بغض النظر إذا ما كانوا من مثيري الشغب أو من المتظاهرين المعتدى عليهم.

-التعميم يشير الى نوع الإصابات المتأتية عن أعمال شغب أو حوادث بفعل الغير وهذا النوع من الإصابات يحصل في غالبية الأحيان خلال المظاهرات المعارضة للسلطة فكيف للطبيب أن يحدّد ويقيّم من هو الضحية ومن هو مرتكب الجنحة أو الجناية.   

-هذا التعميم يثير الريبة لجهة تضييق الخناق على الحريّات وخصوصا حريّة التجمّع لا سيما أن عددًا كبيرًا من المتظاهرين تعرّض لهجوم عنيف من القوى الأمنية أدّى الى إصابات بليغة وصلت الى حدّ فقدان بعض الشبان لعيونهم جراء التصويب الممنهج على الرأس والصدر. 

-هذا التعميم يدفع بالأطباء والعاملين في القطاع الإستشفائي الى مخالفة المادة 7 من قانون الآداب الطبية التي تقتضي السريّة المهنية من قبل الطبيب وعدم الكشف عن تفاصيل أو معلومات خاصّة بالمريض أو المصاب. 

-هذا التعميم يحوّل الطبابة في لبنان الى نظام وشاية للتبليغ عن متظاهرين تعرّضوا للإصابات الجسدية بسبب تعامل القوى الأمنية معهم بعنف. 

-هذا التعميم يعيد ترسيخ المنظومة المخابراتية القمعية من خلال تمدّدها الى كافّة الأجهزة والمؤسسات ووضعها في خدمة السلطة القائمة. 

-هذا التعميم بأهدافه المباشرة وغير المباشرة يمسّ حريّة التجمّع وحريّة الرأي والتعبير وهذا التعميم هو أداة من أدوات السلطة المقوننة لإسكات الناس والثوار والناشطين والمعارضين في لبنان عبر تخويفهم من الوشاية والمحاكمة خصوصا أمام المحاكم العسكرية.

قانون العقوبات الصادر في 1943/3/1

المادة 400

"من قام حال مزاولته احدى المهن الصحية باسعاف شخص يبدو انه وقعت عليه جناية او جنحة تجوز ملاحقتها دون شكوى ولم ينبىء السلطة بها عوقب بالغرامة المنصوص عليها في المادة السابقة."

 

 

قانون الآداب الطبية الصادر في 1994/2/22

المادة 7

السرية المهنية المفروضة على الطبيب هي من النظام العام, وعليه التقيد بها في كل الظروف التي يدعى فيها لمعالجة مريض او للاستشارة, مع مراعاة الاستثناءات التي تفرضها السلامة العامة والقوانين والانظمة والعقود وتشمل هذه السرية المعلومات التي يفضي بها المريض اليه, وكل ما يكون قد رآه او علمه او اكتشفه, او استنتجه في سياق ممارسة مهنته او بنتيجة الفحوص التي اجراها, وعليه:


الفقرة 1 -لا يكفي اعفاء المريض طبيبه من السرية المهنية لاسقاط هذا الموجب, اذ يبقى الطبيب ملزما بمراعاة مصلحة المريض ومقتضيات النظام العام.

الفقرة 4 - للطبيب حين يستدعى من قبل الضابطة العدلية للادلاء بشهادته عن وقائع تشملها السرية المهنية, ان يكتم بعض معلوماته, وعليه ان يدلي بكل معلوماته امام القضاء الجزائي عندما يطلب اليه الادلاء بها بعد تحليفه اليمين.
الفقرة 5 - يمنع على الطبيب الابلاغ عن مريض اعترف له بارتكاب جرم. وفي حال اكتشاف الطبيب اقتراف جرم خلال معاينته مريضا وجب عليه ابلاغ النيابة العامة, وكذلك اذا اقتنع ان الابلاغ يحول دون ارتكاب المعني جرائم اخرى.