منصة المجتمع المدني النسوي:” نرفض تمييع قضايا النساء عبر التضييق على الصحافة المستقلة”
كيف نحمي النساء من جرائم التحرش والاعتداء الجنسي تحت مظلة قضاء يستدعي الصحافيات والصحافيين الذين يسلطون الضوء على هذه الانتهاكات فيما يترك المشتبهون بارتكابها أحراراً؟
سؤال ملح في ظل التطورات الأخيرة، فقد تابعت “منصة المجتمع المدني النسوي” في لبنان بقلق شديد قضية استدعاء الناشطة النسوية والصحافية حياة مرشاد إلى التحقيق.
ففي 11 أيّار الماضي استدعى المحامي العام الاستئنافي في بيروت زاهر حمادة الصحافية ورئيسة تحرير منصّة “شريكة ولكن” حياة مرشاد إلى التحقيق في “مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية وحماية الملكية الفكرية”.
الاستدعاء تم على خلفية نشر منصة “شريكة ولكن”، وهي منصّة إعلامية نسوية، في نيسان الماضي مقالًا ينتقد فتح مسرح مونو في بيروت أبوابه لمسرحية للمخرج جو قديح الذي واجه عام 2020 شهادات تحرش يشتبه بأنه ارتكبها وذلك بعد نشر نحو 15 سيّدة شهادات تتضمن ادعاءات بتعرّضهن للتحرش من قبله، وأعادت المنصة في سياق المقال نشر بعض هذه الشهادات.
المقلق في القضية إحالة المحامي العام الاستئنافي في بيروت، القاضي زاهر حمادة، لمرشاد إلى التحقيق في مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية رافضاً السير بالدعوى أمام محكمة المطبوعات، إذ لم يستجب حمادة لطلب وكيل مرشاد المحامي فاروق المغربي الرجوع عن الإشارة والامتثال لما نصّ عليه قانون المطبوعات في المادة 29 بأن «لا صلاحية تحقيق لأي جهاز أمني مع صحافي يبرز انتماءه إلى نقابة المحررين، أو يثبت أن ما نشره جاء في إطار عمله الصحافي. وفي حال اقتضت الدعوى تحقيقاً، فعلى قاضي التحقيق أن يجريه قبل أن يحيل القضية إلى محكمة المطبوعات خلال مهلة لا تتجاوز خمسة أيام».
قضية مرشاد تأتي في سياق مجموعة اجراءات كرست ميلا متصاعداً لدى السلطة بتطويق حرية التعبير والاعلام تجسدت من خلال استدعاءات لصحافيين إلى أجهزة أمنية، ومحاولة إسكات المحامين ومنعهم من التصريح بشأن قضايا عامة قبل أخذ إذن مسبق من نقابة المحامين.
يهم منصة المجتمع المدني النسوي أن تؤكد تضامنها الكامل مع الزميلة مرشاد وهي عضو فاعل في المنصة كما في الحراك النسوي العام في لبنان.
كما وتشير المنصة الى قلقها من تجاهل القضاء ما يزيد عن 15 شهادة من ناجيات بينهنّ قاصرات وعدم التحرك قضائياً مع المشتبه به بالاعتداءات في حين يمارس ضغط على من يسلط الضوء على هذه القضايا.
تضع المنصة النسوية هذه القضية في خانة ليس فقط اسكات الصحافيين وقمع الحريات بل هي أيضاً تهميش لقضايا النساء المحقة من خلال ضرب المنصات والصحافيات والصحافيين الذين يحاولون تسليط الضوء عليها من خلال تكريس منظومة أبوية تحمل الضحايا والناجيات مسؤولية اثبات ما يتعرضن له من اعتداء وتحرش.
تستغرب المنصة النسوية مسارعة القضاء الى الانتصار لمشتبه به رغم كل الشهادات التي تم اهمالها وعدم التحقيق بها وهو ما يعيد للأذهان قضية الاستاذ المدعى عليه بالتحرّش سامر مولوي في ثانوية جورج صرّاف في طرابلس الذي حكم عليه بالحبس 20 يومًا فقط لمخالفة الواجبات الوظيفية رغم كل الشهادات الموثقة لتلميذاته التي روين فيها ما تعرضن له من تحرش من قبله.
تؤكد المنصة النسوية أن قضايا الحريات العامة وحرية الصحافة هي جزء أساسي من معركة النساء في لبنان وما حصل مع مرشاد هو حلقة من حلقات القمع الممنهج الذي يتصاعد مؤخراً في لبنان إذ لا عدالة للنساء ولا مساواة من دون أصوات حرة وإعلام مستقل يطرح قضاياهن.”